القناع الذهبي يهز العالم من جديد.. توت عنخ آمون يعود للأضواء بعد قرن من الاكتشاف
سلطت صحيفة كلارين الأرجنتينية الضوء على الحدث التاريخي المنتظر في مصر، والمتمثل في افتتاح المتحف المصري الكبير يوم السبت 1 نوفمبر 2025، وهو الافتتاح الذي سيحظى بحضور عدد كبير من ملوك ورؤساء العالم، إلى جانب شخصيات ثقافية بارزة.
ووسط التحضيرات الضخمة، ركزت الصحيفة على القناع الذهبي لتوت عنخ آمون، باعتباره القطعة الأثرية الأشهر في تاريخ الحضارة المصرية القديمة، والتي تعود إلى اكتشاف تم قبل مئة عام تمامًا.
وقالت الصحيفة إن يوم 28 أكتوبر 1925 سيظل محفورًا في ذاكرة علم الآثار، ففيه رفع عالم المصريات البريطاني هوارد كارتر غطاء التابوت الداخلي الثالث لتوت عنخ آمون، ليكشف للعالم عن الوجه الذهبي للفرعون الطفل، في لحظة وُصفت بأنها “الحدث الأثري الأهم في القرن العشرين”.
رحلة البحث عن المقبرة المفقودة
أوضحت كلارين أن بداية الحكاية تعود إلى عام 1907، حين بدأ كارتر العمل في التنقيب بالتعاون مع اللورد البريطاني كارنفون في منطقة دير المدينة قرب الأقصر، وهي واحدة من أغنى مناطق الدفن في مصر القديمة.
ورُشح كارتر للبعثة من قِبل مدير مصلحة الآثار المصرية آنذاك، جاستون ماسبيرو، نظرًا لأساليبه العلمية الحديثة في التنقيب. وفي عام 1914 حصل كارنفون على ترخيص للحفر في وادي الملوك، إلا أن اندلاع الحرب العالمية الأولى أوقف المشروع مؤقتًا.
لكن في أواخر عام 1917، استأنف كارتر العمل بعزيمة وإصرار، واضعًا نصب عينيه هدفًا واحدًا: العثور على مقبرة ملكية لم تمسها الأيدي.
اكتشاف يهز التاريخ
بعد سنوات من التنقيب دون نتائج تُذكر، كاد كارنفون أن يوقف التمويل، إلى أن حدثت المعجزة في نوفمبر 1922، عندما عثر الفريق على درج مختوم يقود إلى مدخل المقبرة.
وبمجرد فتح فتحة صغيرة في الجدار، أضاء كارتر الداخل بشمعة وقال عبارته الشهيرة: «نعم، أرى أشياء رائعة».
كانت المقبرة المعروفة باسم KV62 تحوي أكثر من 6 آلاف قطعة أثرية بحالة ممتازة، ما جعلها الاكتشاف الأثري الأكثر حفظًا في تاريخ وادي الملوك.
وفي 16 فبراير 1923، دخل كارتر إلى الحجرة الجنائزية الرئيسية، غير أن القناع الذهبي لم يُكشف عنه إلا في أكتوبر 1925 عندما رفع غطاء التابوت الداخلي ليظهر وجه الملك الشاب المزين بالذهب والأحجار الكريمة كاللازورد والفيروز والكورنالين.
من الأقصر إلى القاهرة ثم الجيزة
وفي ديسمبر من العام ذاته، تم نقل القناع بعناية فائقة لمسافة 635 كيلومترًا من الأقصر إلى المتحف المصري في التحرير، حيث ظل معروضًا لمدة قرن تقريبًا.
ومع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير بالجيزة، يعود القناع إلى واجهة العالم من جديد كأيقونة خالدة للحضارة المصرية، ورمز للبعث والخلود إذ يصوّر توت عنخ آمون في هيئة الإله أوزوريس، إله القيامة في المعتقد المصري القديم.
إرث لا يزول
أشارت الصحيفة إلى أن اكتشاف توت عنخ آمون غيّر وجه علم المصريات إلى الأبد، إذ جعل من الآثار المصرية موضوعًا عالميًا تجاوز حدود الأكاديميات ليصل إلى الفن والسينما والموضة، في ظاهرة عُرفت باسم “الهوس بمصر” (Egiptomania).
كما ساهم القناع في ترسيخ صورة مصر القديمة كرمز للحكمة والغموض والجمال، وظل على مدار مئة عام أحد أعظم كنوز الإنسانية، يثير الدهشة والإعجاب كلما ظهر أمام الجمهور.
ومع افتتاح المتحف المصري الكبير، تستعد القاهرة لكتابة فصل جديد من رحلة الخلود الفرعوني، لتثبت أن سحر الحضارة المصرية لا يزول مهما مرّت القرون.





